شرح قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي، تعد قصيدة حديقة الغروب هي قصيدة شعرية لكاتبها الشاعر غازي القصيبي، ومن اشهر القصائد التي ألفها هي قصيدة حديقة الغروب، اذ أنه تناول الكثري من المعاني الجميلة فيها، حيث أنه تغنى في هذه القصيدة قبل وفاته لزوجته، حيث أنه تناول الكثير من المحاور في هذه القصيدة، ومن خلال ما يلي سوف نتناول شرح قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي.
من هو غازي القصيبي
يعد غازي القصيبي هو الشاعر الوزير، وهو الذي عرف بالعديد من المزايا المهمة، كما أن لديه الكثير من الخبرات المميزة، وذلك على نحو تشغيل القطارات والتدريس الجامعي ولديه خبرة واسعة في مجال إدارة الموانئ والتسويق الصناعي وشبكات توزيع الكهرباء، حيث أنه كان داعماُ للتنمية والتطور المجتمعي، ويحارب التسلط، حيث أنه كان على قناعة تامة بـأن التعليم هو المفتاح الرئيسي لتقدم الشعوب وتطورها.
قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي
تتناول قصيدة حديقة الغروب للشاعر غازي القصيبي، حيث أنه كتب هذه القصيدة قبل دنو أجله بفترة قصيرة، حيث أنه تناول العديد من المواضيع فيها فتناول في حديثه عن زوجته وعن الوطن وعن توبته لربه والاعتراف بذنبه، وتتمثل قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي فيما يلي:
- خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ
- أما سئمتَ ارتحالاً أيّها لساري؟
- أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت
- إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟
- أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا
- يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ
- والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بقِيَتْ
- سوى ثُمالةِ أيامٍ.. تذكارِ
- بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا
- قلبي العناءَ!… ولكن تلك أقداري
***
*** - أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى
- عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري
- أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ
- وما تغيّرتِ.. والأوجاعُ سُمّاري
- منحتني من كنوز الحُبّ. أَنفَسها
- وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري
- ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي
- والغيم محبرتي.. والأفقَ أشعاري
- إنْ ساءلوكِ فقولي: كان iiيعشقني
- بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصرار
- وكان يأوي إلى قلبي.. ويسكنه
- وكان يحمل في أضلاعهِ داري
- وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً
- لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ
***
*** - وأنتِ!.. يا بنت فجرٍ في تنفّسه
- ما في الأنوثة.. من سحرٍ وأسرارِ
- ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ
- يهيمُ ما بين أغلالٍ. وأسوارِ
- هذي حديقة عمري في الغروب.. كما
- رأيتِ… مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ
- الطيرُ هَاجَرَ.. والأغصانُ شاحبةٌ
- والوردُ أطرقَ يبكي عهد iiآذارِ
- لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي
- فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري
- وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بطلاً
- وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ
***
*** - ويا بلاداً نذرت العمر.. زَهرتَه
- لعزّها!… دُمتِ!… إني حان إبحاري
- تركتُ بين رمال البيد أغنيتي
- وعند شاطئكِ المسحورِ. أسماري
- إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي
- ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري
- وإن مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً
- وكان طفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري
***
*** - يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه
- وأنت تعلمُ إعلاني.. وإسراري
- وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به
- علي.. ما خدشته كل أوزاري
- أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي
- أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟
شرح قصيدة حديقة الغروب
تناول الشاعر في هذه القصيدة أربع محاور، حيث وزعها في أبيات القصيدة، حيث أنه بدأ في تصوير حياته التي عاشها في جميع جوانبها، حيث أنه كان على يقين تام باقتراب أجله، فبدأ بمحاسبة نفسه عن ذنوبه التي اقتربها، أيضاً تناول الشاعر البعد النفسي في قصيدته هذه حين مخاطبة نفسه، ايضاً تناول البعد الجماعي والبعد المجتمعي والوطني والبعد الإلهي، ويتمثل شرح هذه القصيدة فيما يلي:
- البعد النفسي في القصيدة، حادث الشاعر نفسه حينما قال أنه عاش خمس وستون عاماً في معاركة الحياة، وحين سؤال الحياة له هل مللت من الحياة والتنقل فيها وهل سئمت السفر والترحال في دروبها، حيث أنه حين اللجوء للنفس تلقى الراحة والهدوء، حتى يسافر من جديد وبعدها يعود لنفسه ويسألها هل تشعر بالتعب من أعداءه الذين حاربوه وساتخدموا علب الكبيرين والنار، كما أنه يتساءل عن رفاقه أين ذهبوا وأين هم، ثم يبين أنه لم يبقى شيء في هذه الحياة فكلها ذكرى من الماضي، كما أن أقداره في الحياة أبقت فيه العناء في قلبه.
- البعد العائلي، حيث تطرق الشاعر إلى زوجته وعائلته، اذ وصف زوجته بأنها رفيقة دربه، كما أنه يحبها كثيراً ويفدي عينيها بأعماره من حبه لها، اذ أنها أحبته ولم تتغير مشاعرها حتى في وقت الشدة، كما شبهها بقطرات الندى ولولا وجودها لغدا عارياً جائعاً، كما أنه قال فيها أن تكون هي المحبرة التي يكتب بها الغيوم، وأن الأفق الواسع يتجلى بحجم أشعاره لها، اذ أنه كان يعشقها بكل عنف وهذا يدلل على شدة حبه وتعلقه بها، كما أنه اوضح لها أنه في حال موته أن تقول للجميع عنه بأنه كان بطلاً ولكن ليس بطل شهيد المعركة وإنما البطل الذي لم يرضَ الذل ولا الإهانة.
- بينما البعد العائلي الذي تطرق إلى ابتنه اذ يقول لها بنت الفجر الذي يتنفس باكراً، ويسألها ماذا تريد منه، ويشبه نفسه بأنه شبح راحل عن قريب ويريد أن يوصل لها فكرة أنه كبر في العمر وغدا سارح البال وشارد الذهن، ويقول أن هذه هي الحديقة التي تخصه، وإن عمره قد اقترب دنوّه، كما شبه نفسه بالمرعى الذي يظهر في فصل الخريف، اذ أنه اصبح كل شيء يابس في هذا الفصل وتجف الخضار ويغدو بلا مأكل في هذا المرعى ويصاب الجميع بالجوع.
- بعد الوطن، والذي يخاطب الشاعر وطنه ويقول له بأنه نذر عمره وحياته لخدمته، وهو يخبرها أن موعد رحيله قد اقترب، وأنه سيترك بين رمال صحراء بلاده أغنيته، ويخبره بأنه إذا سألوه عن القصيبي فليجب عنه عنه أنه لم يبع قلمه، وأنه لم يتم تدنيس أفكاره بأفكار مزيفة بل كان محبوب الوطن الذي قام بإفناء عمره في حب بلاده.
- البعد الإلهي، حيث تناول الحديث مع ربه، ويقول له يا عالم الغيب أنت تعرف ذنبي ولا يخفى عنك شيء، فأنت تعلم ما اخفر وما اعلن، قد منحتني الايمان ياربي، وان ذنوبي التي ارتكبتها لم تضيع إيماني، ويخبر به بأنه يتنظر الموت حباً في لقاءه.